في حوار مع “الأزمنة” فخامة رئيس جمهورية أرمينيا الدكتور أرمين سركيسيان: ” وتبقى معاهدة سيفر وثيقة هامة حول حق الشعب الأرمني للوصول الى حل عادل في القضية الأرمنية”
06 أغسطس 2020 – أخبار عربية ودولية
خاص الأزمنة
سؤال: السيد الرئيس، يصادف 10 آب الذكرى المئوية لمعاهدة سيفر، التي تم توقيعها خلال مؤتمر باريس للسلام بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، بين الدول 13 الحلفاء المنتصرين والامبراطورية العثمانية الخاسرة. حيث كان من المزمع أن تحل المعاهدة القضية الأرمنية المتأزمة لعشرات السنين وتضع حداً لمعاناة الأرمن. ماذا تقولون بهذا الصدد؟
جواب: كانت معاهدة سيفر بمضمونها معاهدة سلام حقاً، ومن هذا المنطلق كان بإمكانها حل واحدة من أكثر القضايا تعقيداً في منطقتنا بشكل جذري، أي القضية الأرمنية.
قبل معاهدة سيفر كان قد انعقد المؤتمر الأول في لندن بين شباط ونيسان في عام 1920، حيث تم اتخاذ قرار سياسي لإنشاء دولة أرمنية واحدة موحدة.
في الوقت ذاته، تم الاعتراف بجمهورية أرمينيا كمرتكز للدولة الأرمنية بحكم الأمر الواقع de facto من قبل مؤتمر باريس في 19 كانون الثاني 1920، والتي كان يجب تضم إليها بعض المناطق من أرمينيا الغربية الواقعة تحت احتلال الإمبراطورية العثمانية.
بموجب معاهدة سيفر للصلح اعترفت تركيا بأرمينيا كدولة حرة مستقلة. واتفقت تركيا مع أرمينيا ترك مسألة ترسيم الحدود بين الدولتين في مقاطعات (ولايات) أرضروم وطرابزون ووان وبتليس إلى قرار الولايات المتحدة الأمريكية (قرار تحكيم الرئيس وودرو ويلسن، الذي يصادف مئويته في 22 تشرين الثاني المقبل)، والقبول على الفور هذا القرار مع كافة مقترحاته المتعلقة بمنح أرمينيا منفذاً باتجاه البحر ونزع السلاح في كافة الأراضي العثمانية المحازية لها.
سؤال: ولكن بقيت معاهدة سيفر على الورق…
جواب: إنما، لم تحظ معاهدة سيفر بالمصادقة النهائية (بالتالي بقيت غير مكتملة)، صحيح أنه لم يتم تنفيذ القرارات الخاصة بأرمينيا بسبب التغيرات في وضع السياسة الدولية، لكن أبداً لم يتم الإعلان عن إلغاؤها.
إن معاهدة سيفر وثيقة قانونية أممية، كما أنها نافذة بحكم الأمر الواقع de facto، لأنه بناءً على هذه الوثيقة تم إرساء أو اشتقاق وضع عدد من دول الشرق الأوسط في الفترة التي تلت الحرب العالمية الأولى أو حتى يومنا هذا، لاسيما سورية (حالياً سورية ولبنان)، وبلاد ما بين النهرين (حالياً العراق والكويت)، وفلسطين (حالياً إسرائيل والسلطة الفلسطينية)، والحجاز (حالياً السعودية)، ومصر والسودان وقبرص والمغرب وتونس وليبيا.
وبهذا كان من الممكن أن تسهم معاهدة سيفر في حل القضية الأرمنية، وتجمع الشعب الأرمني فوق أراضيه التاريخية.
وكان من الممكن لها، ولو بشكل جزئي، أن تبلسم الأضرار التي لحقت بالشعب الأرمني إثر الإبادة الأرمنية في عام 1915، وتخلق ظروفاً لتسوية العلاقات بين أرمينيا وتركيا، وتعزيز السلام الدائم بين شعوب منطقتنا.
ولكن اجتياح الكماليين الجامح في أيلول 1920 ضد جمهورية أرمينيا انتهى بإزالة الدولة الأرمنية المستقلة وأصبحت أرمينيا سوفيتية.
وبذلك، لم ينجح نضال الشعب الأرمني الطويل في توحيد أجزاء أرمينيا المقسمة ضمن دولة واحدة. ولكن جمهورية أرمينيا والشعب الأرمني برمته المنتشر في أصقاع العالم ما يزالون الورثة وأصحاب تاريخهم وحضارتهم الممتدة منذ آلاف السنين.
مهما فعلوا ويفعلون، مهما أنكروا الحقائق الواضحة، مهما أزالوا صروح التراث الأرمني والحضارة الأرمنية وطمثوا آثار الأرمن فوق أراضي أرمينيا التاريخية، لا يمكنهم محو ذاكرة الشعب الأرمني.
وتبقى معاهدة سيفر حتى اليوم وثيقة هامة حول حق الشعب الأرمني للوصول الى حل عادل في القضية الأرمنية.
سؤال: هناك رأي يزعم بأن معاهدة لوزان لعام 1923 ألغت معاهدة سيفر.
جواب: لا على الإطلاق ولا يمكن أن يكون قطعياً. لا يوجد أي إلغاء مماثل في معاهدة لوزان، حتى أنه لا يوجد ذكر لمعاهدة سيفر في معاهدة لوزان. جمهورية أرمينيا لم توقع، وبالتالي، هي ليست جزءاً من معاهدة لوزان. وبناء عليه لا يوجد أي التزام يخص جمهورية أرمينيا. وهذا ما ينص عليه مبدأ Res inter alios acta في القانون الدولي أي (غير مساهم غير ملزم). معاهدة سيفر ومعاهدة لوزان هما وثيقتان قانونيتان مختلفتان.
سؤال: نعود للوقت الراهن. الشرق الأوسط، ودول جنوب القوقاز المجاورة له تغلي من جديد، مواجهات عسكرية، حروب أهلية، محاربة الإرهاب، وجدالات حول الأراضي. وقد تم تسجيل مواجهات حدودية على خط التماس بين أرمينيا وأذربيجان في منتصف شهر تموز، كبدت خسائر بشرية، وسجلت تصعيداً في التوتر بين يريفان وباكو.
جواب: نعم، في هذه المرحلة حيث يحارب العالم ونحن عدواً عاماً واحداً، وهو وباء فيروس كورونا، ورغم أن النزاعات توقفت في العالم، حاولت أذربيجان، الدولة المجاورة لنا، استغلال هذا الوضع، والاستفادة من الفرصة بالمعنى السلبي لها، من أجل تأجيج الاعتداءات على الحدود الأرمينية – الأذرية. من حسن الحظ أن القوات المسلحة الأرمنية على الحدود كانت على أهبة الاستعداد وفي جهوزية عالية واستطاعت خلال يومين أو ثلاثة قمع تطلعات العدو، وبالتالي أنقذت منطقتنا من نيران اشتباكات واسعة النطاق.
سؤال: هناك تصريحات من الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، وعواصم أخرى حول هذه التطورات الخطيرة والمتطرفة، داعية الأطراف إلى ضبط النفس والدخول في حوار. بينما كانت وحدها أنقرة ذات لهجة عدائية، وأبدت دعمها الكامل لعمليات باكو.
جواب: نعم، لقد تفاعل المجتمع الدولي بشكل واسع حيال الأحداث. وأعني تصريحات موسكو وواشنطن وباريس حيال النزاع في كاراباخ الجبلية، الرؤساء المشاركون في مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، ولكن أحداث (دافوش) كشفت عن مخاوف جدية.
أولى هذه المخاوف بالنسبة لي تتعلق بالخطاب العدواني لتركيا الدولة الجارة جنوباً. تركيا تستخدم تجاه أرمينيا لغة لا تليق بالعلاقات الدولية، وهذا يتم دون أي مبرر، وبشكل غير مسؤول. لا ننسى أنها هي ذاتها الدولة التي كانت مسرحاً لمعاناة إنسانية كبيرة، حيث قبل 105 أعوام تم تنفيذ إبادة جماعية بحق الشعب الأرمني. وبدلاً من مد الجسور مع أرمينيا من خلال الاعتراف بالصفحات السوداء لماضيها، فهي، وفي الحقيقة، تستخدم لغة تكشف نيتها بالاستمرار لما قامت به قبل 105 عاماً.
ثاني تخوّف بالنسبة لي هو أن أذربيجان تحاول خلق انطباع بأن أرمينيا تشكل تهديداً للبنية التحتية الدولية التي تمر عبر أراضي أذربيجان. هذا هراء قطعاً. تلك البنية التحتية موجودة منذ 20 عاماً، وأرمينيا لم تبد أية نية لتدميرها. وأشير الى أن أرمينيا لم ولن تكون تهديداً لأحد، لأننا خلف هؤلاء الذين تعرضوا للإبادة ونجوا منها.
وبالتالي، نحن نعرف جيداً معنى المعاناة، ومعنى القيم الإنسانية. أنا قلق، لأن في الوقت الذي يحارب العالم بأسره جانحة، يخطط البعض لعمليات غير إنسانية.
قلقي التالي يتعلق بالتصريحات الرسمية الصادرة من حكومة أذربيجان أو الهيئات المعنية، بأن أذربيجان تستطيع الهجوم على محطة الطاقة النووية (ميدزامور). أنا مختص بالفيزياء، ويمكنني أن أتوقع النتائج الحقيقية لو قرروا ضرب المحطة. لذا أعتبر أن هذا التصريح هو بمثابة نية لعملية إرهابية، والتي توصف بالإرهاب النووي في العلاقات الدولية.
إن حصل ذلك، لا قدر الله، سنحصل على تشيرنوبل القوقاز. لن تتضرر أرمينيا لوحدها فحسب، بل الجميع بما فيهم أذربيجان وتركيا وجيورجيا والشرق الأوسط.
فمهما ساءت الأمور بين الدول، بين الجوار، لايمكن اللعب بالنار بموضوع النووي.
ونورد هنا بعض مواد معاهدة سيفر الخاصة بأرمينيا:
معاهدة سيفر (10 آب 1920)
المادة 88
تعترف تركيا بموجب هذه المعاهدة بأرمينيا كدولة حرة ومستقلة وذلك استناداً إلى الإجراء الذي اتخذته قوات الحلفاء.
المادة 89
توافق تركيا وأرمينيا والأطراف العليا المتعاقدة على رفع قضية رسم الحدود بين تركيا وأرمينيا في ولايات أرضروم وطرابزون ووان وبتليس إلى تحكيم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، والقبول بالقرار الذي سيتخذه وأي شروط قد يقدمها فيما يتعلق بمنح أرمينيا منفذاً إلى البحر ونزع سلاح أي بقعة من الأراضي التركية المتاخمة للحدود المذكورة.
المادة 90
في حال كان رسم الحدود بموجب المادة 89 يشمل نقل كل أو جزء من مناطق الولايات المذكورة إلى أرمينيا، فإن تركيا تتخلى عن جميع الحقوق والملكيات بشأن المناطق المنقولة. وذلك اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار.
إن أحكام هذه المعاهدة النافذة على الأراضي التي فصلت تركيا ستطبق كذلك على مناطق الولايات المذكورة.
إن حجم وطبيعة التزامات تركيا المالية التي ستتحملها أرمينيا، أو الحقوق التي ستنقل إليها بسبب انتقال مناطق المذكورة، ستتحدد بموجب المواد من 241 إلى 244 القسم الثاني (البنود المالية) من هذه المعاهدة.
وستبرم اتفاقيات أخرى – إذا لزم الأمر- لحل جميع المسائل التي تقررها هذه المعاهدة، والتي يمكن أن تنشأ نتيجة انتقال الأراضي المذكورة.
المادة 91
في حالة انتقال أي جزء من الأراضي المشار إليها في المادة 89 إلى أرمينيا، سيتم تشكيل لجنة حدودية، يقرر أعضاؤها فيما بعد في غضون ثلاثة أشهر من تاريخ صدور القرار المشار إليه في المادة المذكورة، وذلك لرسم الحدود بين أرمينيا وتركيا كما حددها القرار ميدانياُ.
المادة 92
سيتم رسم الحدود بين أرمينيا وأذربيجان وجورجيا على التوالي نتيجة اتفاقية مباشرة بين الدول المعنية.
وإذا أخفقت الدول في رسم الحدود بالاتفاق حتى تاريخ القرار المشار إليه في المادة 89، فإن قوات الحلفاء الرئيسية ستحدد الخط الحدودي الرئيسي والتي ستشترط رسمها ميدانياً.
المادة 93
تقبل أرمينيا وتوافق على إدراج مثل هذه الأحكام في معاهدة مع قوات الحلفاء الرئيسية، حسب ما تدعو إليه الضرورة من هذه القوات، وذلك لحماية مصالح سكان تلك الدولة الذين يختلفون عم أغلبية السكان من حيث العرق أو اللغة أو الدين.
كما تقبل أرمينيا وتوافق على إدراج مثل هذه الأحكام في معاهدة مع قوات الخلفاء الرئيسية، حسب ما ترتئي هذه القوات ضرورة لذلك لحماية حرية التنقل والمعاملة المتكافئة في تجارة الدول الأخرى.