6 كانون الثاني 2016
أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية ان الخلاف مع السعودية سيكون له تأثيرات على المفاوضات في شأن الحل في سوريا، والامر واضح، فالسعودية تدعم المعارضة التكفيرية الإسلامية وايران تدعم النظام في سوريا، ومن البديهي ان الخلاف الإيراني – السعودي العنيف وما جرى من قطع علاقات وما قامت به السعودية من إجراءات في وقف الملاحة الجوية وقطع كل العلاقات التجارية مع ايران، إضافة الى دول في الخليج ماشت السعودية في ذات الاتجاه، سيكون له تأثير على الحل في سوريا، حيث سيكون التشدد هو الأساس، فايران ستكون متشددة حيال الموقف لدى المعارضة السلفية الإسلامية، والسعودية ستكون متشددة حيال مواقف وفد النظام السوري، وبالتالي، فان تأثيرا كبيرا سينعكس على طاولة المفاوضات، حتى لو تدخلت واشنطن وموسكو وهما الضامنتان للمفاوضات وللتسوية في سوريا، او للسعي للحل السياسي في سوريا، لكن السعودية ستتشدد من الان وصاعدا في شكل عنيف في وجه ايران، كما ان ايران ستتشدد وتكون قاسية حيال الموقف السعودي ولو اضفى جواً من الديبلوماسية وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف على المحادثات، الا ان جوهر الموقف الإيراني سيكون متشددا وصلبا، ولن يعطي المعارضة السورية أي شيء من مطالبها بل ستنتهي المفاوضات الى تشدد من قبل الطرفين تحت المظلة الإيرانية – السعودية، حيث ان العلاقات الإيرانية – السعودية وصلت الى ذروتها من الخلاف، وبالتالي، فان ليس من مصلحة ايران ولا من مصلحة السعودية التراجع الى الوراء بل هما في اتجاه التصادم الديبلوماسي والسياسي والديموغرافي حول الحل السياسي في سوريا.
إيران ستعتبر ان كل المنظمات التي تقاتل النظام السوري هي إرهابية، وبالتالي فان الوفد الذي تم تشكيله في الرياض ستعترض عليه ايران، وتعتبر المنظمات المسلحة المتمثلة ضمن الوفد منظمات سلفية تكفيرية لا تصلح للتفاوض مع وفد النظام ولا تمثل الشعب السوري، ولذلك فالمجابهة الإيرانية ستتصاعد في وجه هذه المنظمات وتوصلها الى حائط مسدود، كذلك فان السعودية ستدعم وفد المعارضة السورية المسلحة وتعتبرها تمثل فئات كثيرة من الشعب السوري وتصر على مطالبها، وبالتالي ستفشل المفاوضات وعندما يقول المسؤول في الخارجية الإيرانية ان احداث ايران – السعودية وخلافهما سينعكس على المفاوضات في شأن الحل السوري، فانه ينعي المفاوضات الآتية الا اذا موسكو وواشنطن قامتا بجهد استثنائي فوق العادة، على الأقل لابقاء هدنة بين وفد النظام ووفد المعارضة السلفية الإسلامية.
الحل في سوريا هو جبهة من جبهات صراع ايران – السعودية، وكما يحصل في اليمن، وكما حصل في البحرين، وكما يحصل في العراق، وكما يحصل في لبنان، فان هنالك مواجهة سعودية – إيرانية مفتوحة لكنها انفجرت مع اعدام الشيخ نمر النمر، من قبل السعودية، واحراق السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد. لكن ردة فعل السعودية كانت قوية للغاية، فقطعت العلاقات في كل نواحيها مع ايران، وهذا يعني تصعيد سعودي ويعني مواجهة سعودية مع ايران. واذا كانت السعودية تستقوي بتحالف إسلامي فانها لا تستطيع ان تقود العالم الإسلامي السني كتركيا ومصر وماليزيا واندونيسيا وباكستان ودول كبرى من هذا النوع لان ليس لدى السعودية طاقات القيادة لتحالف إسلامي أعلنت عنه من 35 دولة.
اما بالنسبة لإيران فهي متحالفة مع القوى القوية على الأرض، ففي لبنان حليفها حزب الله، هو اقوى الأطراف تسليحا وسياسياً في لبنان، وفي سوريا، فان النظام بعد دخول روسيا على الخط واقامتها قواعد جوية في سوريا وقيام طيرانها بالقصف على المعارضة للرئيس بشار الأسد، فان ايران ارتاحت الى قوة النظام السوري بعد دخول روسيا مباشرة على الخط ودعمها لنظام الرئيس بشار الأسد ولم يعد لديها هم سقوط النظام في سوريا كما حصل في السابق، بل أصبحت ايران مرتاحة على الوضع في سوريا ومطمئنة الى ان روسيا وضعت حدا لتركيا ولامكانية تدخل عسكري تركي كذلك فانه على العكس فان روسيا تتحدى تركيا يوميا، على الحدود في الأجواء ونصبت منظومات دفاع جوي اس – 300 واس – 400 المتطورة جدا جدا والقادرة على اسقاط كل الطائرات التركية اذا هاجمت في اتجاه سوريا.
وفي العراق، اتفاق إيراني – أميركي ازاح في الماضي الرئيس اياد العلاوي وجاء بنور المالكي رئيسا للحكومة، ثم تم إزاحة نوري المالكي والمجيء بالرئيس العبادي، وبالتالي، فان مصالح الولايات المتحدة وايران متفقة مع بعضها في العراق في وجه داعش مع ان واشنطن تريد اشراك العشائر السنيّة في القتال وهو امر لم يحصل نتيجة قوة الحشد الشعبي الشيعي والجيش العراقي الذي لا يريد اشراك العشائر السنيّة في محافظة نينوى وصلاح الدين.
اما في اليمن فلم تستطع السعودية السيطرة على الوضع العسكري في اليمن، وان كانت قد حققت بعض الخطوات لصالحها، الا ان مؤيدي ايران من جماعة علي عبدالله صالح، والحوثيين ما زالوا مسيطرين على مناطق كثيرة وعلى العاصمة صنعاء، وحتى هم يشتبكون في عدن التي قيل ان السعودية ودول الخليج حرروها من جماعة الحوثيين وعلي عبدالله صالح.
لكن في الامس، كانت الاشتباكات في عدن حاصلة وتم منع التجول فيها، نتيجة اشتباكات بين الطرفين وهذا يعني ان السعودية لم تسيطر كليا على عدن. لذلك الفارق كبير بين السعودية وايران، فايران تحرك قوى مقاتلة بينما السعودية ليس لديها القوى التي تحركها لتقاتل الا في سوريا، وفي سوريا بعد دخول روسيا وقيامها بالقصف الجوي ومنع تركيا من التدخل وقيام التحالف الدولي بقصف داعش وجبهة النصرة، فان القوى المقاتلة التابعة للسعودية أصبحت ضعيفة، خاصة وانه تم اغلاق الحدود بشكل شبه كلي بين تركيا وسوريا. ولم يعد التسلل قائم للجماعات التكفيرية مثل الأول من تركيا الى سوريا، وذلك بطلب من مجلس الامن الدولي وطلب من اميركا وروسيا ودول أوروبا الغربية.
ومن هنا فان النظام السوري حقق خطوات انتصار في أماكن عديدة واسترجع 20 في المئة من الأراضي التي كانت يسيطر عليها تنظيم داعش وجبهة النصرة. لذلك فان الصراع الإيراني – السعودي حتى الان غير متكافىء، والسعودية خاضت في الماضي معركة في لبنان في انتخابات 2009، ونجحت 14 اذار بالأكثرية، الا ان حزب الله استطاع تغيير وجهة نظر الوزير جنبلاط الذي يملك 11 نائبا من الأكثرية مع 14 اذار الى الوسطية ليكون مع حزب الله في لبنان وضد الرئيس بشار الأسد في سوريا، لكن الأكثرية لم تعد موجودة ضمن 14 اذار في غياب الوزير وليد جنبلاط، وفي سوريا حققت السعودية وقطر وتركيا انتصارا في جبهة ادلب بعد تسليح المعارضة تسليحا حديثا بالصواريخ ودعمت تركيا هذه القوى فاجتاحت ادلب والمناطق حتى وصلت الى ريف اللاذقية في جورين، لكن نزول روسيا بقواتها الجوية في سوريا، أدى الى قلب الموازين وضرب القوى المعارضة التي سيطرت على ادلب، وإعادة سيطرة النظام على كل ريف اللاذقية تقريبا واقتراب قوات النظام من حلب من جهة ريف اللاذقية، كذلك لم يحرك النظام قواته في جورين في اتجاه اريحا الى ادلب مع ان القصف الجوي الروسي مستعد لدعم هذه الجبهة، لكنه تفرّغ لريف اللاذقية كي يحرره كليا من سيطرة المنظمات السلفية التكفيرية الإسلامية.
من هنا فان المواجهة الإيرانية – السعودية ستحصل في المؤتمر الثالث الذي سينعقد في فيينا او في واشنطن لكن على الأرجح في فيينا، هذا الشهر وستكون النتيجة الفشل الكامل نتيجة الصراع الإيراني – السعودي، وعندما نقول الصراع الإيراني – السعودي فاننا نعني ان ايران والسعودية يتقاتلان في صورة غير مباشرة عبر وجود إيرانيين وحزب الله والجيش السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد مقابل المنظمات الإسلامية التكفيرية التي تدعمها تركيا والسعودية وقطر. والمعركة هي غير مباشرة لكنها هي بين ايران والسعودية. وبالتالي، المؤتمر الثالث في شأن سوريا نتيجة ازمة ايران – السعودية حاليا سيكون فاشلا ولن يصل الى أي نتيجة.
http://www.addiyar.com