(ناغورني قره باغ – انتصار لندن وأنقرة، وهزيمة سوروس والأرمن – بقلم تييري ميسان – البنتاغون الذي خطط لحرب ناغورني قره باغ تجاوزه حلفاؤه البريطانيون)

Dieu au dessus, vers le bas Armée arménienne - Les Lions de la Montagne - L'armée de défense de la République d'Artsakh

(ناغورني قره باغ – انتصار لندن وأنقرة، وهزيمة سوروس والأرمن – بقلم تييري ميسان – البنتاغون الذي خطط لحرب ناغورني قره باغ تجاوزه حلفاؤه البريطانيون)

البنتاغون الذي خطط لحرب ناغورني قره باغ تجاوزه حلفاؤه البريطانيون. وأن أياً من القوى العظمى لم يساورها القلق إزاء الوفيات التي قد يتسبب بها. علاوة على ذلك، إذا كانت لندن وأنقرة قد جددتا تحالفهما التاريخي، فهذا يعني أن واشنطن وموسكو لم تربحا شيئًا، بينما خسر جورج سوروس والأرمن الكثير.

Thierry Meyssan

Thierry Meyssan

شبكة فولتير | باريس (فرنسا) | 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020

بعد 44 يوماً من الحرب، اضطرت أرمينيا إلى توقيع وقف إطلاق النار مع أذربيجان، مع الاقرار بفقدان جزء من أراضيها. ومع ذلك، وكما ذكرنا سابقاً بطريقة التساؤل، كانت الخطة الأصلية للولايات المتحدة تقتضي دفع تركيا إلى الخطأ، والسماح لها بقتل جزء من السكان الأرمن، ثم التدخل للإطاحة بالرئيس أردوغان، وإعادة إرساء السلام [1].

بيد أن الخطة لم تنجح. لأنها كانت تخفي حيلة بريطانية. فقد استغلت لندن ارتباك الانتخابات الرئاسية الأمريكية لتتجاوز واشنطن بشكل خفي. لقد استغل البريطانيون الموقف في محاولة لحرمان روسيا من ورقة ناغورني قره باغ، واستعادة “اللعبة الكبرى” التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر [2]. في ذلك الوقت، كانت حليفة للإمبراطورية العثمانية ضد الإمبراطورية القيصرية. وعندما أدركت موسكو ذلك، فرضت وقفاً لإطلاق النار، لوقف لعبة القتل.

1- “اللعبة الكبرى”

خاضت الإمبراطوريتان البريطانية والروسية، طوال القرن التاسع عشر تنافسًا مريراً للسيطرة على القوقاز وكل آسيا الوسطى. وقد عُرفت تلك الحقبة في إنجلترا باسم “اللعبة الكبرى”، وفي روسيا تُعرف باسم “بطولة الظلال”.

بدأت روسيا في الفوز بالمباراة عندما استولت على ناغورني قره باغ. وبتأثير الدومينو، بسطت بعد ذلك سيطرتها على القوقاز.

وفي ضوء هذا التاريخ السابق، تعتقد لندن الآن أن استعادة ناغورني قره باغ سوف تتمكن من تقويض نفوذ موسكو في القوقاز، ثم في جميع أنحاء آسيا الوسطى.

يريد رئيس الوزراء البريطاني الحالي بوريس جونسون أن يكون استمراراً للسياسات الإمبريالية لونستون تشرشل، وهو كاتب سيرة حياته. لقد أعلن للتو عن خطة فائقة التكاليف لتحديث جيوشه [3]..

ولإعادة إطلاق “اللعبة الكبرى”، عيّن في 29 تموز- يوليو 2020 المدير العام لوزارة الخارجية ريتشارد مور، رئيساً لجهاز المخابرات البريطانية الخارجي MI6 وكان قد عمل سابقًا سفيراً لصاحبة الجلالة في أنقرة، ويتحدث التركية بطلاقة، وتربطه علاقة صداقة مع الرئيس رجب طيب أردوغان. ولم يتسلم منصبه الجديد إلا في الأول من شهر أكتوبر، أي بعد أربعة أيام من الهجوم الأذربيجاني على ناغورني قره باغ.

2- الدور المحوري لريتشارد مور

ريتشارد مور هو صديق شخصي للأمير تشارلز، وهو نفسه مدير مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية Oxford Centre for Islamic Studies) ، حيث تدرب مثقفو الإخوان المسلمون على مدى خمسة وعشرين عاماً. والرئيس التركي السابق عبد الله غول هو أيضًا مدير هذا المركز.

بصفته سفيراً في أنقرة (2014-2017) ، رافق ريتشارد مور الرئيس أردوغان ليصبح حامي جماعة الإخوان المسلمين.

كما لعب دورًا في انسحاب البريطانيين من الحرب ضد سوريا عام 2014. لم تكن لندن تنوي مواصلة الصراع الذي انخرطت فيه من أجل أهداف استعمارية، بعد أن تحول إلى عملية إمبريالية أمريكية (استراتيجية رامسفيلد / سيبروسكي).

قام ريتشارد مور مؤخراً بجولة في مصر وتركيا. كان يوم 9 نوفمبر (يوم فرضت روسيا وقف إطلاق النار في قره باغ) في القاهرة للقاء الرئيس السيسي هناك، ويوم 11 نوفمبر في أنقرة. رسميًا، لم يجتمع مع صديقه القديم الرئيس أردوغان، بل التقى فقط مع المتحدث باسمه في القصر الأبيض.

3- في مواجهة الدول، سوروس لا يؤبه له

في الحرب الأذرية التركية في ناغورني قره باغ، اعتقدت واشنطن أنها يمكن أن تعتمد على الرئيس أرمين سركيسيان، ورئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان، أحد رجال جورج سوروس [4] باستخدامه كطعم.

جورج سوروس مضارب أمريكي يسعى لتحقيق أجندته السياسية الخاصة، لكنه يعمل بالتنسيق مع وكالة المخابرات المركزية [5]. ولسوء الحظ، لا توجد نفس العلاقة بين البريطانيين وسوروس: فهو مدين بثروته لعملية كبيرة ضد الجنيه الإسترليني (يوم الأربعاء الأسود 16 أيلول-سبتمبر 1992)، ومن هنا أطلق عليه لقب “الرجل الذي كسر بنك ’إنكلترا”.

4- اللعبة المزدوجة ل “Perfide Albion”

وهكذا أولاً تركت لندن واشنطن تفعل. فشجع الأمريكيون ” شعب الدولتين” (تركيا وأذربيجان) على القضاء على جمهورية أرتساخ بالقوة.

وراح جهاز المخابرات البريطانية الخارجي MI6 يساعد شريكه التركي في نقل الجهاديين إلى أذربيجان [6]، ليس لقتل الأرمن، بل لقتل الروس. لهذا لم يعد هناك روس في قره باغ. فرد سوروس بإرسال مرتزقة أكراد لدعم الجانب الأرمني [7].

زاعمة أنها تلعب اللعبة الأمريكية، دعمت لندن باكو وأنقرة. وخلال الأيام الأولى، حاولت القوى الثلاث لمجموعة مينسك (المسؤولة عن نزاع ناغورني قره باغ منذ انهيار الاتحاد السوفيتي) – أي الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا – كل شيء من أجل إنهاء القتال واستئناف المفاوضات [8]. وعندما لمست كل واحدة منهم على التوالي سوء نية الأذربيجان، قدموا اقتراحا لاستصدار قرار إلى مجلس الأمن. بالنسبة لواشنطن، فإن الأمر يتعلق بإجراء تحول جماعي، من الحياد إلى إدانة “شعب الدولتين”.

دافع الأرمن في الأيام الأولى عن أنفسهم قدر استطاعتهم.

وبالمناسبة، فقد غير رئيس الدولة أرمين سركيسيان خطط قيادته العسكرية ودفع متطوعين عديمي الخبرة إلى الجبهة [9]. وقد تسبب أرمين سركيسيان الذي يحمل الجنسيتين، الأرمينية والبريطانية بمجزرة في صفوف الجيش الأرمني.

ثم فجأة، أعلنت المملكة المتحدة أنها ستستخدم حق النقض إذا تم طرح هذا النص للتصويت. متفاجئة بدورها، اتهمت الولايات المتحدة أذربيجان علناً بسوء النية في 25 أكتوبر.

وكان على روسيا أن تنتظر أسبوعين آخرين حتى تدرك أن واشنطن الغارقة لأذنيها في حملتها الانتخابية الرئاسية، لم تعد تدير هذا الملف.

5- روسيا تعلن انتهاء المباراة قبل فوات الأوان

وكان على روسيا أن تنتظر أيضاً حتى السادس من شهر أكتوبر كي تتيقن من وجود فخ إنجليزي داخل فخ الولايات المتحدة. وسرعان ما استنتجت أن لندن أعادت إطلاق “اللعبة الكبرى” وهي على وشك سرقة نفوذها في ناغورني قره باغ. الأمر الذي جعل الرئيس الروسي فلاديمير يتصل هاتفيا بنظيره التركي في 7 أكتوبر للتفاوض معه على وقف إطلاق نار غير مواتٍ أبداً للأرمن.

أردوغان، الذي أدرك أنه لن يقاوم استقرار الوضع السياسي في الولايات المتحدة، وافق على كسب الأراضي فقط، وتخلى عن إعادة إطلاق الإبادة الجماعية للأرمن. ثم استدعى الرئيس بوتين نظيره الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان إلى الكرملين. محاولاً انقاذ ما يمكن انقاذه، من خلال إجبار محاوريه، في 10 أكتوبر، على التوقيع على وقف إطلاق النار وفقًا للشروط التي تفاوض عليها أردوغان [10]. وكانت أولوياته رسم الوجود العسكري الروسي من خلال قوة سلام، ثم وقف إراقة الدماء. فما كان منه إلا أن خاطب الشعب الروسي ليعلن أنه أنقذ مصالح بلده من خلال إنقاذ أرمينيا من هزيمة أكثر فظاعة.

أدرك الأرمن، بعد فوات الأوان، أن نيكول باشينيان، الذي أبعدهم عن روسيا لصالح الولايات المتحدة، راهن على الحصان الخطأ. وفهموا في المقابل أنه مهما كان الفريق الحكومي القديم الذي قادهم فاسداً، فقد كان وطنياً، على حين كان رجال سوروس يعارضون مفهوم الأمة ذاته، وبالتالي يعارضون استقلال بلادهم.

وهكذا بدات التظاهرات والاستقالات تتوالى تباعاً : رئيس الأركان، وزير الخارجية، وزير الدفاع ، ولكن ليس رئيس الوزراء.

وفي المقابل، يبتهج الرئيس الأذربايجاني إلهام علييف، ويهزأ كثيرًا من مجلس أوروبا وبرلمان الاتحاد الأوروبي، ويعلن انتصاره وإعادة بناء الأراضي المحتلة [11]. وسيكون للبريطانيين امتيازات جديدة لصالح شركة بريتش بتروليوم، وسيتولون استغلال مناجم الذهب في أذربيجان.

تييري ميسان
ترجمة
سعيد هلال الشريفي

– – – – – – – – – – – – – – – –

[1] “هل تكون أرتساخ (قره باغ) قبر أردوغان”, بقلم تييري ميسان, ترجمة سعيد هلال الشريفي, شبكة فولتير , 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2020, www.voltairenet.org/article2… “قره باغ : الناتو يدعم تركيا ويسعى لتصفية الرئيس أردوغان”, بقلم تييري ميسان, ترجمة سعيد هلال الشريفي, شبكة فولتير , 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2020, www.voltairenet.org/article2…

[2The Great Game. On Secret Service in High Asia, by Peter Hopkirk, John Murray (1990).

[3] “Boris Johnson Statement to the House on the Integrated Review”, by Boris Johnson, Voltaire Network, 19 November 2020.

[4] “Larisa Minasyan: OSF-Armenia has supported and supports the velvet revolution in the country”, Arm Info, March 5 2019.

[5] « George Soros, spéculateur et philanthrope », Réseau Voltaire, 15 janvier 2004.

[6] « 4 000 jihadistes au Haut-Karabagh », Réseau Voltaire, 29 septembre 2020.

[7] « George Soros envoie 2 000 mercenaires kurdes en Arménie (Erdoğan) », Réseau Voltaire, 29 octobre 2020.

[8] « Le troisième cessez-le-feu au Karabagh violé », Réseau Voltaire, 27 octobre 2020.

[9] Conférence de presse du chef d’état-major sortant, le général Movses Hakobyan, Erevan, 19 novembre 2020.

[10] « Déclaration des présidents d’Azerbaïdjan, d’Arménie et de Russie », Réseau Voltaire, 9 novembre 2020.

[11] “Statement by Presidents of Azerbaijan, Armenia and Russia”, Voltaire Network, 10 November 2020.

voltairenet.org/article211752.html

Facebooktwitterredditpinterestlinkedinmail