ثريا عاصي
19 كانون الثاني 2016
تناقلت وسائل الإعلام أنباء عن دخول جماعات «داعش» إلى إحدى البلدات في محيط دير الزور وارتكابها مجزرة إضافية ضد السكان الذين قُتل منهم حوالى ثلاثمائة. الرقة موقع أساسي لـ«داعش» على مجرى نهر الفرات، دير الزور أيضاً، منطقة الجزيرة السورية التي طالبت الحركة الصهيونية غداة الحرب العالمية الأولى، فرنسا بضمها إلى «الوطن القومي اليهودي» في فلسطين، من «النيل إلى الفرات».
تمثل هذه النقاط معالم لا بد من وجهة نظر، من أخذها بالحسبان، في متابعة الأحداث ـ الفاجعة، على خريطة المشروع الإستعماري في بلادنا، الذي توكل المستعمرون الإسرائيليون بالإشراف على تنفيذه، فأنجزوا لتاريخ يومنا مراحل كبيرة. لعل أكبر الدلالات على ذلك موجودة ضمنياً في التحالف الإسلامي ـ الإستعماري من أجل «إنشاء دولة إسلامية» مطهرة من المشركين ومن المرتدين في سوريا. هذا من ناحية ومن ناحية ثانية نستشفها أيضاً في تحالف «المعارضة» وآل سعود من جهة مع الإمبريالية وأطرافها في أوروبا وفي فلسطين المحتلة من جهة ثانية، بحجة إصلاح الدولة في سوريا وإرساء الديمقراطية فيها ! كأن «الدولة اليهودية» تتطلب «داعش»، وكأن «خصخصخة» مملكة آل سعود لا تستقيم دون تدمير «الدولة الوطنية العربية» بشمال أفريقيا وحتى شواطئ الخليج!
في السياق نفسه لا يستطيع المراقب لما تشهده في الراهن منطقة دير الزور، على نهر الفرات، من أعمال همجية وحشية، أن لا يفحص الحقيقة بحثاً عن علاقة تربط بين إقتحامات «داعش» وقتلها لمئات السكان في دير الزور من جهة وبين الغارة الجوية التي تعرضت لها مواقع الجيش العربي في نفس المنطقة، من جانب التحالف الغربي «ضد الإرهاب» الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية. حدث ذلك في 7 كانون الأول الماضي. صدر آنذاك بيان عن وزارة الخارجية السورية أعلنت فيه الأخيرة انها أخطرت مجلس الأمن الدولي بالعدوان الأميركي على مواقع الجيش السوري في منطقة دير الزور
أكتفي من هذا الموضوع بهذه الملحوظات، فأنا لست خبيرة في قراءة الاوضاع العسكرية ولا أعرف كيف الوصول الى أسرار الآلهة. لأنتقل من بعد الى مقاربة الأوضاع في سوريا من زاوية أخرى. فأقول بادئ ذي بدء أنه لو طلب منا أن نسمي اللاعبين المحليين، أو بالأحرى الإقليميين، في الفاجعة التي نعيشها منذ سنة 2011، لجاز لنا القول أن عدد هؤلاء اللاعبين هو خمسة، سوريا، إيران، تركيا، السعودية، وإسرائيل. وأن دراسة السيناريو توصلنا إلى خلاصة مفادها أن دور «العربي» تؤديه سوريا. بمعنى أن الذين يدافعون عن العروبة في هذا الزمان هم سوريون، أهل سوريا وجيش سوريا وحكومتها، باستثناء السوريين الذين أرادوا إغراق سوريا أو استبدالها بالأموال أو بإقامات لهم ولعائلاتهم في البلاد الخليجية والغربية!. هجرة و«معاش»! (الأولاد يضرسون)
تناهى إلى سمعنا أسماء كثيرة من «الصرافين» الذين يصرفون الأوطان في أسواق العملة، مسؤولون أمنيون، وسياسيون في أعلى المستويات، نواب رئيس جمهورية، رؤساء حكومات، وزراء، غادروا جميعاً المركب السوري، ظناً منهم أن الغرق صار وشيكاً، أو أن صفقة إنتقال ملكية المركب، بواسطة المزاد العلني لا راد لها.
ولكن المركب ما يزال عائماً، رغم أن بعض الأضرار لحقت به. لا يزال في الميناء السوري، وما يزال السوريون يقاومون ويصلحون الأعطال.
هل من رابط بين قصف مواقع الجيش السوري من جهة وبين المجزرة في دير الزور؟ نحن مطالبون جميعاً، بصفتنا سوريين، نحتاج إلى سوريا، بوضع مشروع سوري. هل لدى اللاعبيين الآخرين: آل سعود، إيران، تركيا وإسرائيل، مشاريع خاصة بهم أو إنهم يدورون في فلك قوى كبرى! أخيراً ما هو القاسم المشترك بين المشروع الوطني السوري من جهة وبين مشاريع الآخرين من جهة ثانية؟
(للحديث بقية)
http://www.addiyar.com